استهلاك مفرط وتفاوتات اجتماعية.. الوجه الآخر من احتفالات الكريسماس

استهلاك مفرط وتفاوتات اجتماعية.. الوجه الآخر من احتفالات الكريسماس
احتفالات الكريسماس

ارتبط موسم الكريسماس بالبدايات الجديدة والتسامح، ليصبح أحد أكثر الأوقات التي يتنظرها الملايين في كل عام، إلا أنّه خلف أضواء الشوارع المتلألئة وزينة الأشجار البراقة، تظهر صورة مختلفة تكشف عن التفاوتات الاجتماعية والظلم الذي يعيشه ملايين الأشخاص حول العالم.

وأضاءت احتفالات الكريسماس صورة وردية لشوارع مزينة وهدايا تُتبادل، بينما تتناغم الموسيقى لتخلق أجواء من المحبة والتكافل، لكن في ظل هذا المشهد المبهج، يعاني الملايين من الفقر المدقع والجوع، وفي حين يعيش البعض رفاهية الاحتفالات، يكافح آخرون لتأمين أبسط الاحتياجات الأساسية، فضلا عن تكلفة الاحتفال.

وتحولت أعياد الكريسماس في مناطق الحروب إلى موسم يُذكّر بالمآسي، فالأطفال اللاجئون، والمجتمعات التي تعاني من النزاعات المسلحة، والعمال المستغلون لتصنيع الهدايا بأسعار زهيدة، يشكلون الجانب المظلم الذي نادرًا ما يُناقش، بدلًا من أن تكون هذه الأوقات رمزًا للأمل، تتحول إلى شهادة على قسوة الأوضاع العالمية.

الإعلام والاستهلاك المفرط

أسهمت وسائل الإعلام والإعلانات التجارية في تعزيز ثقافة استهلاكية تشجع على الإنفاق المفرط، متجاهلة الفئات المهمشة، ويعمق هذا التركيز الشعور بالعزلة لدى من لا يستطيعون مجاراة هذا النمط، ما يخلق فجوة اجتماعية تزداد وضوحًا في موسم الأعياد.

وبينما يتمتع البعض بدفء المنازل وأجواء العائلة، يعيش اللاجئون والمشردون ظروفاً قاسية، حيث يقضون الأيام الباردة في المخيمات أو الشوارع محاطين بالجوع والخذلان، ولمواجهة هذه التفاوتات، يجب تعزيز طرق أكثر إنسانية وشمولية للاحتفال بالكريسماس. يمكن تقليل الاستهلاك المفرط ودعم المبادرات التي تسهم في تحسين حياة الأقل حظًا، كما يتطلب الأمر من الدول والشركات اتخاذ خطوات لضمان عدالة اقتصادية وتحسين ظروف العمالة عالميًا.

ويبقى الكريسماس فرصة للتأمل في كيفية تحقيق التوازن بين مظاهر الفرح ومعالجة التحديات الاجتماعية، ليكون موسمًا يعكس قيم العدالة والمحبة والمساواة، التي تمثل جوهره الحقيقي.

دلالات ورسائل

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، إن احتفالات الكريسماس تتخذ طابعا غربيا، فالبلاد الغنية تحتفل بشكل مبالغ فيه والإعلام يظهر حجم التفاوت بين بلد فقيرة وغنية مع ظهور مظاهر الاحتفالات.

ورأى صادق في تصريح لـ"جسور بوست"، أن الدول العربية لديها أوضاع مختلفة ونجد هناك طبقات غنية تحتفل عبر بمظاهر بذخ بالكريسماس وطبقات أقل تحتفل  بطريقة أقل، بينما هناك ثقافات أخرى تقليدية ومحلية لا تحتفل، لافتا إلى أن هذا الموسم يُظهر التفاوت الاجتماعي في جميع مظاهر الاحتفال.

وأضاف: "يظهر الكريسماس مظاهر اختلاف ضد المناسبة ذاتها بين من يحرمها رغم أن الأزهر الشريف لم يقل ذلك، ووصل الأمر إلى الهجوم على شجرة الاحتفالات في سوريا كما رأينا مؤخرا"، لافتا إلى أنه رغم تراجع أعداد المسيحيين في الدول العربية كالعراق وسوريا وغيرها فإن الاحتفالات بالدول العربية مستمرة بشكل لافت.

وأكد صادق أن الكريسماس بات عند الكثيرين ممن يعانون الصراعات ليس وقت فرح، بل هو يزيد مشاعر الإحساس بالظلم والقهر، بينما العالم يحتفل بألعاب نارية، هناك صواريخ تقتل وتشرد في غزة وتحرم بيت لحم المقدس أن يشهد احتفالات هذا العام مجدداً بسبب استمرار حرب غزة.

زيادة في الفرحة والتفاوت

ورأت أستاذة علم الاجتماع الدكتور سامية خضر، أن الكريسماس من المناسبات التي تزيد الفرحة بين المجتمع، والتفاوت موجود في كل شيء وليس في الاحتفالات فقط، لافتة إلى أن التفاوت في العادات والتقاليد والرؤية أمر بديهي. 

وأشارت سامية في تصريح لـ"جسور بوست" إلى أنه يمكن أن تكون هناك أزمة قد تتبلور إذ كان المحتفلون يتكبرون على البسطاء أو البسطاء يحقدون عليهم، مضيفة: "لكن عندما ينظر المجتمع لبعضه بحب وفرحة ويتبادلون التهاني في ذلك اليوم بين كل الفئات فهذا يزيد الشعور بالآخر وأننا جميعا نتمنى الخير لبعضنا بعضاً".

وأوضحت أن قدوم موسم الكريسماس في ظل تفشي الصراعات والحروب، لا سيما في غزة والسودان وغيرهم سيكون هناك إحساس بالظلم فهناك مجموعات تحتفل وأخرى تقتل ظلما، مشيرة إلى أنه لا يجب إهمال تأثيرات تلك الحروب مع مجيء الاحتفالات وأهمية أن تنتهي تلك الحروب والصراعات فورا ليعم السلام والمحبة والشعور بالآخر بين الجميع.

وأكدت أن هناك ظلما كبيرا واقعا على غزة في ظل هذه الأيام، التي تشهد أجراسا للحزن تدق وأجراسا في أماكن أخرى للفرح، مؤكدة أن الكريسماس يعود برسالة إلى جميع الشعوب بأهمية نعمة الاستقرار والأمن وأهمية الحفاظ عليه لتدوم الأفراح والمحبة بين الجميع.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية